لعبة المزرعة السعيدة لعبة الفراخ

تقاليد امازيغ سوس في الزواج




رحلة الخطوبة "اسيكل"


يمكن أن نقسمه إلى مرحلتين، الأولى هي "أسيكل أمزوارو" وهو اتفاق مبدئي بين عائلتين تكون فيه المبادرة لأهل العريس، بعدها يتم الإعلان عن أسيكل الذي تحضره العائلتين والمدعوون.. ويصطحب أهل العريس هدايا وألبسة وأضحية.

فقد تغيرت طقوس الخطوبة كثيرا، فيما مضى يمنع على الشاب حضور خطوبته كما يمنع رؤية العروس، أما الآن فقد تغيرت العقلية واتخذت بعدا متحررا، حيث من العائلات ما تصر على "الخاتم" الذي لم يعنى له أي اهتمام فيما مضى.

كما أن الخطوبة لا تعني الزواج الرسمي، فبإمكان أي طرف أن يتراجع عن موقفه، وهي أشياء تظهر في الوقت الراهن بشكل مثير، كما أن مدة الخطوبة قد تطول إذ تدوم أكثر من سنة في بعض الحالات، عكس ما كانت عليه فيما مضى حيث كانت الخطوبة لا تدوم لمجرد أسابيع تتخللها التحضير والإستعداد للزواج. فما هي إذن طقوسه؟



حفل الزفاف "تمغرا

منذ الصباح الباكر، تذب الحركة في أرجاء بيتي العروسين، إذ يمتزج غناء النساء بفرح وضحك الذكور، ويمتزج العمل "التصدير" بالمرح والمضايقات والجدية، ويتخلله وجبات غذائية تقدم للجميع.. إنها أمور تحدث في يوم الزفاف دون أن تشعر بمرور الوقت إلى حين خروج "أوكريس" ويقوم به أهل العريس، إنها الظهيرة الوقت المناسب لخروجه وهو عبارة عن لوازم التجميل (إيدوكان، الحنا، الورد، تزولت، إيزار…)، يخرج أهل العريس في موكب كبير، غالبيته من النساء من بينهم إمرأة تتكفل بحمل "أوكريس"، وتنظر دائما إلى الأمام ولا يحق لها أن تدير وجهها لأي اتجاه آخر، كما يضم الموكب أنثى الفرس الذي يتكفل بها أحد أقرباء العريس، والتي بواسطتها ستنقل العروس، وأثناء الطريق تردد النساء هذا البيت بلا انقطاع إلى حين الوصول إلى بيت أهل العروس.

أرد إساعد ابابنس
أوكريس أوريترس


لنقف عند هذه المرحلة الأولية، إذ يتضح أن طقوس "أوكريس" هي مبادرة أخرى على غرار الخطوبة لكي يؤكدوا على صدق النوايا والإهتمام الكبير بالعروس، فلوازم كالحناء والورد والكحل ترمز إلى الصفاء والجمال والحسن، كما يرمز الايزار الأبيض إلى الوضوح والحياء، وتجسد المرأة التي تحمله، المرشد، والمخلص وكذلك النجاح الذي يتوقف عليها وصول الموكب، فنظراتها الموجهة دائما إلى الأمام تفيد الحشمة والوقار والمسؤولية والالتزام، أما الفرس فيميل إلى الشرف والنبل والشجاعة والجاه والقوة والنفوذ والمال.

يصل الموكب إلى دار أهل العروس، يتم استقبالهم أشد ترحاب ثم يسلم "أوكريس" إلى أهل العروس الذي يوضع في غرفة تواجد العروس ويتم بعد ذلك تفحصه، بعد أن يتغذى الجميع تهيئ العروس بلوازم التجميل المموضعة في "أوكريس"ثم تلف في الايزار بعدها في "أحايك" ويوضع على رأسها "الحبق" ثمة يأتي أخ العروس أو أحد أقربائها ليلبسها الشربيل "أدوكو" وتردد النساء حينه هذا البيت

كاتس الحجاب أكما حناس
كاتس الحجاب أكما حناس

في الوقت ذاته، يقوم الرجال بتحديد قيمة الجهاز وكذلك الصداق، وهو عملية تقييم كل ما تأخذه العروس إلى دار عريسها كالمال والحلي والملابس والأغطية والصناديق والأواني وبعض الحيوانات كالمعز والأغنام والبقر… كل حسب قيمته المالية أو التقريبية المتداولة في السوق وفي الأخير يتم جمعها وتحديد المبلغ النهائي.

تخرج العروس مغطاة بكاملها، ثم تمتطي الفرس، ويركب ورائها طفل صغير يمكن أن نطلق عليه "الإشبيل" وكثيرا ما نسمع هذا البيت الذي تردده النساء بموازاة بكاء العروس وأهلها

ايتمام ديستمام غيد أولا غين تريت
ايلينو اداك اورتلتي

ينطلق الموكب، مقدمته الفرس والعروس، ومؤخرته الرجال في اتجاه أهل بيت العريس، وأثناء الطريق تردد النساء هذا البيت:

"سيدي حماد أوموسى كيذ أدار زويراغ (مرتين)" وتردد هذه العبارة وأهازيج أخرى "التيات" إلى حين وصول الموكب.

فمن خلال هذه المعطيات يتضح أن قيمة الجهاز يحدد مستوى وعيش أهل العروس، فهو يحيل إلى الشرف والنبل، فكثيرا ما تكثر المنوشات بين الأشخاص كبارا وصغارا حول القيمة الحقيقية للجهاز، فإن كان ذو قيمة كبيرة يدل على السمو والعلو، وإن كان قليلا يحيل إلى الاستضعاف والفقر، لكن ما هو أهم هذا الجهاز بمثابة دين يكون في ذمة أهل العريس، ويعاد في حالة الطلاق أو هلاك الزوج ، كما أن بكاء العروس كثيرا ما يرافقه بكاء الأهل، خاصة الأب الذي لا يرافق ابنته، إن ذلك يحيل إلى الفراق، فراق للأهل والعشيرة والفضاء، والإرتماء في وسط مخالف، وحياة جديدة، قد تكون غير متطابقة لنمط العيش الأول في حين يحيل "الإشبيل" إلى الإستمرارية والتجديد والإستخلاف المستمر، فالطفل عادة ما يستحضر في ثقافات الزواج في مناطق متعددة، إنها محاولة لتربية الأطفال على هذا السلوك البشري النبيل.

يصل الموكب إلى بيت أهل العريس، في جود من الترحاب والاحتفال.. ينتظرون إطلالة العريس، يتأخر قليلا، حينه ينشد هذا البيت: "مانزاكيد الوكيلي اعزان (مرتين)" يطل العريس بجلبابه الأبيض وسلهامه والكوميت الفضي، يرمي "زبيب" الذي يتكون من التمر والحلوى والملح وحبات تافيوشت… بعدها ينزل إناءا به الحليب "تاكفيت" لكي تشرب منه العروس، بعد أن مضمضه ورده إلى الإناء، بعد أن ينتهي ذلك يأتي أحد أفراد عائلته فيحملها ويدخلها إلى غرفتها ثم يقدم المال إلى الطفل الصغير "الإشبيل".

لا شك أن شرب العروس للحليب الذي مضمضه العريس، ورده إلى الإناء، يعتبر بحد ذاته قبولا ورضى عن حياتها الجديدة، عن نمط عيشه ومستواه المادي والمعنوي.. كما يحيل على قبول هذا الشخص كشريك للحياة، ولحاله وآلامه وعزه وفقره…
يدخل الجميع إلى دار أهل العريس مقسمين نساءا ورجالا.. حينه تسمع "التيات"، ولا تكاد النساء تتوقفن عن الغناء والرقص "تمحوشت"، وفي حالة تأخر الأكل وقروب غروب الشمس كثيرا ما نسمع هذا النظم بين نساء أهل العروس ونساء أهل العريس.

سفدتاغ ياكوك أوغاراس (مرتين)
نساء أهل العروس:

ويغ ياكوك تنسيم غدارنغ (مرتين)
نساء أهل العريس:

ونفل نيت تروا مزينين (مرتين)
نساء أهل العروس:

نسفض نيت ماتنيد اتاوين (مرتين)
نساء أهل العريس:

ولان نيت غلبروج علانين (مرتين)
نساء أهل العروس:

نسفض نيت تروا ايمغارنغ، نسفض نيت فاضمة والحسين
نساء أهل العريس

ينصرف الجميع إلى حال سبيله بعد تناول الطعام، وشرب الشاي، والدعاء، بعدها يدخل العريس إلى غرفته، يرمي زوجته بكومة من الملح، وفي بعض الحالات تقوم أم العروس بذلك، عندئذ يقوم العروسان بتبادل الكلام وتتخلله وجبة الأكل المحضرة سابقا، فكثيرة هي الحالات التي يدخل العريس إلى غرفته دون سابق تعريف بعروسه، وهو ما يضطر أهل العريس إلى وقت متأخر من الليل ليزف إليهم أخبار الشرف (....) بعدها يقوم بتقبيل رأس والديه، ثم يزف الخبر إلى أهل العروس ويسمى ذلك "أبغور" فعفة الفتاة "الحورت" وهو شيء يبقى على كل حال ضروريا في مجتمعنا

المرحلة الثانية "ألال ايخف"


ربما في نظري، "فألال ايخف" تفيد بمعناها اللغوي: المدرج الذي يتواجد في ركن المنحدر، فألال تعني المدرج وجمعه ألالن، وايخف يعني الركن أو الزاوية، وهو كناية عن الإيزار الذي يوضع في ركن البيت الذي تجلس فيه العروس، على أي فهو اليوم الثاني لطقس الزواج عند الغالبية، فمنذ الصباح يستعد أهل العروس للذهاب إلى بيت أهل العريس، وهم لابسون ثيابا تقليدية فاخرة، بالمقابل نجد أهل العريس ينتظرون بشغف قدومهم حيث يتم تحضير كل شيء، فيما تتزين العروس بالحلي وتلبس أفخر الثياب…

يصل أهل العريس حاملين معهم بعض الهدايا العينية، تتقدمهم أم العروس وعند الإقتراب من البيت يردد النساء أهازيج معبرة عن الفرح.

اتبير ليغيد الان اداغد يوين
اورد انش ولاانسو اداغد يوين

بعدها يخرج أهل العريس، الذي يكون في المقدمة، بعدها يرش الجميع بالعطر، خاصة أم العروس التي يقبل رأسها، ثم يكسر زجاجة العطر ويفر إلى منزله دون أن ينظر إلى أي اتجاه

اليوم الثالث "تشيشت":

هو طقس يقوم به أهل العريس لأهل دواره ويحضره الشباب فقط، إذ تقوم العروس بإستقبال الفتيات، في حين يستقبل العريس الفتيان، ويقدم لهم الأكل، بعد ذلك يتجه الشبان إلى أحانو نتسليت قصد التكحل والرقص والتيات المختلفة.

يمكن أن نعتبر "تشيشت" طقسا يشجع الشباب على التزاوج واستمرار الحياة بين الجنسين، فهو مناسبة لجمع شمل هؤلاء والذي ليس ممكنا أثناء الحياة العادية في مجتمعنا.


مرحلة السبوع "تنرزمت أودار":

أثناء هذا اليوم تقوم أم العروس بزيارة لابنتها بعد مرور أسبوع كامل على زواجها، ويحضره فقط بعض النساء والأقارب الذين وقع عليهم الإختيار، وتقوم أم العروس بجمع ملابس العروس "أحمال" في جو تغمره الزغاريد والإحتفالات وتبادل التهاني ويختتم بالدعاء، كما أن أم العروس تقوم بكنس غرفة ابنتها وتحتها على متابعة مهمتها بمنزلها الجديد، وتقدم لها بعض النصائح التي تراها ضرورية من أجل إكمال حياتها، كإحترام أهل العريس "إفقيرنس" والانضباط لأوامرهما.

صحيح أن هناك اختلافات طفيفة، في طريقة إقامة العرس بالمنطقة، لكن مع ذلك تبقى موحدة إلى حد كبير، على الأقل فالغالبية تحترم هذا التقسيم للمراحل فمن خلال هذه الخلاصة يتضح أن للمرأة شأن كبير فيها وهي التي تأخذ منه النصيب الأكبر عكس الرجل، فهي حاملة أوكريس ومزينة العروس، ومؤدية الأهازيج، ومحضرة للوازم الزواج، ومنفردة بالقرار… فالمرأة عادة في مجتمعنا مهضومة الحقوق، حبيسة المنزل، ممارسة لأعمال من اختصاص الرجل ومع ذلك تبقى راضية على مصيرها ونصيبها

0 التعليقات:

لعبة من سيربح المليون لعبة زوما